الاثنين

مشان الله بدي اتسحر

في رمضان الماضي أو الذي سبقه لا أتذكر تحديداً كنت أعمل على تحقيق صحفي يخص المتسولين،فيما بعد أتممته واستضافتني الزميلتين ريم مناع و ايمان جرادات عبر راديو عمان نت للتحدث عن الموضوع، وفي إحدى الطلعات الليلية كنت مع أحد الأصدقاء أقود في سيارته على إشارات حدائق الملك عبد الله قرب وادي صقرة، وهناك كنا قد أنهينا السحور متوجهين الى اللويبدة، فرأيت أحد باعة الصحف يستوقف السيارات عند الإشارة الحمراء ويبدأ بتسول …بيع الجريدة، هو لا يبيع الجريدة اليومية كبقية الباعة المحترمين، الذي يشير لك من بعيد اذا كنت تريد الصحيفة اليومية ثم ياتي إليك يأخذ ثمنها وينصرف، بل كان الشاب العشريني يتوسل أن تشتري هذا العدد منه، وكان هذا المتسول المتنكر في حالة “بائع الجرائد” مادة جيدة للتحقيق الصحفي الذي أعددته، فاقتربنا منه وادعينا أننا لا نريد الجريدة، وبدأ بالتوسل والتسول، ارتسمت ملامح الحزن على وجهه،

عيون ذابلة ونظرات مستكينة وكأنه يحاول أن يزرع الشفقة في قلبك غصبا عنك، حتى أنه قال: “والله بدي أتسحر، بالله عليك تشتري الجريدة بحياة الله، بحياة صيامك، بحياة الحجة …الخ الخ”

قمت بالتفاف مرة أخرى لتصوير المتسول لعرض الصورة بالتقرير الصحفي، ولكن لم أنتبه إلى الفلاش الذي يجب أن أطفئه، وما أن انتبه البائس المسكين للفلاش،حتى تحول إلى ديناصور فنظرة الشفقة اختفت ليتحول شكله الى صورة أخرى عيونه الذابلة المملؤة استكانة وحزن تحولت الى شرار يتطاير واسنانه التي تتوق للطعام تحولت الى أنياب،حتى أنه وباختصار تحول إلى مستذئب بشري وكان وميض الفلاش كفيلاً بهذا التحول، حتى أصبح الفلاش هو البدر المكتمل، وهاجم السيارة ، الجيد في الموضوع اننا كننا بعيدين عنه قليلاً أي أعلى الطلوع المؤدي إلى الدوار الخامس، وكنا باتجاه الإشارات فما إن صعد الينا حتى أدرنا السيارة ونزلنا هاربين باتجاه وادي صقرة، السيارة الستروين اللعينة خذلتنا بالبنزين أو بالكهرباء لا أعرف السبب فانطفئت قبيل الإشارة،لكن الحظ الجيد أن الإشارة كانت خضراء فدحلنا باتجاه وادي صقرة ومع تسارع السيارة كننا نظن أننا أفلتنا من الذئب البشري الذي بقي يركض وظن ان في محاولاتنا تعشيق السيارة فرصة للإمساك بنا، بقي يركض حتى كاد يدركنا ولكن التسارع مرة اخرى ونجاح التعشيق أنقذنا من الإفتراس.

بائعوا الإشارات ظاهرة فنية بامتياز، ليس فقط في أساليب البيع بل في ما يبيعون، البعض يبيع الورود والدخان والألعاب والسمسمية والعلكة وهم موضوع آخر اذا اسعفتنا الظروف سنكتب عنه.

في شهر رمضان يزيد الوازع الديني وعمل الخير وهو فرصة للمتسولين بكافة أشكالهم وأنواعهم، لم أعرف خلال التحقيق الذي أجريته متسولاً بحاجة أو شخصا تدفعه الحاجة للتسول، بل هو عمل منظم واحتيال مطلق،سواء بالبيع أو بالاستجداء،تحاول وزارة التنمية والأمن العام مكافحة هذه الظاهرة لكنها ولا أعرف لماذا بالتحديد تذهب هذه الجهود هباءً.

التغيير يبدأ منا يجب أن لانسمح للمتسول بالأحتيال علينا باستدرار العواطف ولو أن كل واحد مننا لم يعط هذا المتسول أو ذاك لذهبت محاولات الاحتيال بالتسول هباء مع الريح، ومن أراد عمل الخير والتصدق في رمضان أو غيره فهناك ألف طريقة غير اعطاء المتسولين فالجميع يعرف من هم بحاجة الى هذه المساعدة أو تلك ومن لم يعرف فلجان الزكاة وصناديق الأيتام والجمعيات الخيرية موجود بكثرة والمساعدة تذهب لمن يستحقها بسبب وجود دراسات تقدم على أساسها هذه المساعدات

نُشرت في موقع عمان التفاعلي
ارتباط

هناك تعليق واحد:

  1. التغيير يبدأان لانسمح بوجود الانظمة الاقتصادية التى علي افقار الشعوب لابد من وجود رعاية الاجتماعية والتنمية
    تقول إحصاءات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) إن أكثر من مليار شخص في العالم يعانون من نقص التغذية، أي حوالي سدس سكان كوكب الأرض.

    وتشير الإحصائيات المتعلقة بالعالم العربي إلى أن حوالي 40 مليون عربي يعانون من نقص التغذية أي ما يعادل 13% من السكان تقريبا, بالإضافة إلى أن نحو مائة مليون عربي يعيشون تحت خط الفقر.

    ردحذف